ترامب والشرق الأوسط- صفقات واستثمارات تتجاوز غزة؟

المؤلف: بيلين فرنانديز08.07.2025
ترامب والشرق الأوسط- صفقات واستثمارات تتجاوز غزة؟

اطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جولته الشرق أوسطية، حيث حطّ الرحال أولًا في المملكة العربية السعودية، قبل أن يكمل مساره ليشمل دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر.

تتزامن هذه الزيارة مع إعلانات عن استثمارات خليجية هائلة، قادمة من الدول الثلاث، والتي ستغطي قطاعات واسعة ومتنوعة بدءًا من الذكاء الاصطناعي وصولًا إلى مجالات الطاقة والتعدين والصناعات الثقيلة، وغيرها من المجالات الحيوية.

إلا أن هذه الجولة تثير تساؤلات عميقة حول احتمالية تضارب المصالح السياسية والاقتصادية الشخصية للرئيس ترامب، خاصة مع امتلاك مؤسسة ترامب لمشاريع عقارية وتجارية منتشرة في الدول الثلاث التي تشملها جولته، وهو الأمر الذي يعيد إشعال النقاش الدائر حول مدى الفصل بين المسؤولية العامة والمصالح الخاصة في ظل إدارة ترامب.

على الرغم من الأهمية الظاهرة لهذه الجولة، إلا أن ثمة غيابًا ملحوظًا لدولة تعتبر "الحليف الأمين" للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، وهي إسرائيل، التي تقوم منذ تسعة عشر شهرًا بتنفيذ عمليات إبادة جماعية مروعة في قطاع غزة المحاصر، مدعومة بسخاء بالأموال والأسلحة الأمريكية، وقد ارتفع عدد الضحايا الفلسطينيين، وفقًا للإحصائيات الرسمية، إلى ما يقارب ثلاثة وخمسين ألف شهيد، ولا يزال هذا العدد المؤسف في ازدياد مستمر.

على الرغم من أن هذه الأعمال الوحشية بدأت في عهد الرئيس السابق جو بايدن، إلا أن ترامب لم يتردد في تبني هذا النهج القاتل، حيث أعلن بعد فترة وجيزة من استلامه منصبه أنه "سوف يرسل لإسرائيل كل ما تحتاج إليه لإنجاز المهمة" في قطاع غزة.

ولكن، يبدو أن إسرائيل تستغرق وقتًا أطول مما يريده الرئيس الأمريكي، خاصة بعد دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخرًا إلى تصعيد الهجوم الشرس على القطاع الذي بات مدمرًا بشكل كبير.

يكمن جوهر المشكلة في أن ترامب لا يعير اهتمامًا لمعاناة الأطفال والمدنيين الفلسطينيين الذين يواجهون الموت جوعًا وقصفًا، بينما تواصل إسرائيل "إنجاز مهمتها" وفقًا لخططها الخاصة، فالإبادة الجماعية المستمرة تعيق رؤيته لما يسميه "ريفيرا الشرق الأوسط"، والتي يطمح أن تنبثق من تحت أنقاض غزة، وهو مشروع كشف عن طموحاته تجاهه قائلًا: "سوف تتولى الولايات المتحدة أمر قطاع غزة، وسوف نقوم بعمل رائع هناك. سنمتلكه"..

بينما قد تحمل الحروب مكاسب تجارية ضخمة – كما يشهد قطاع صناعة الأسلحة – إلا أن الإفراط في الحروب قد يتحول إلى استثمار خاسر في نهاية المطاف، على الأقل من وجهة نظر ترامب العقارية.

في الفترة التي سبقت جولة ترامب المكثفة في الشرق الأوسط، تصاعدت التقارير التي تتحدث عن وجود خلافات وتوترات بين الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي – ولا تقتصر هذه الخلافات على الأحداث المأساوية في غزة فقط، فقد ذكرت شبكة "NBC News" يوم الأحد أن نتنياهو "صُدم بشدة – وشعر باستياء بالغ – الأسبوع الماضي بعد إعلان ترامب أن الولايات المتحدة أوقفت حملتها العسكرية ضد الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن".

ويبدو أن ما يزعج نتنياهو بشكل أكبر هو رفض ترامب القاطع لدعم أي ضربات عسكرية محتملة ضد إيران.

إضافة إلى ذلك، تشير التقارير إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية قد تراجعت عن مطلبها السابق بتطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل كشرط أساسي لدعم واشنطن لبرنامج المملكة النووي المدني.

إذًا، ماذا تعني هذه العلاقة المتوترة بين ترامب ونتنياهو لما يسمى بـ "العلاقة الخاصة" و"المقدسة" بين الولايات المتحدة وإسرائيل؟

وفقًا لمقال نشر على موقع "واينت نيوز" الإسرائيلي، فإنه "على الرغم من هذه التوترات الظاهرة، يؤكد المسؤولون الإسرائيليون أن التنسيق الدقيق من وراء الكواليس مع إدارة ترامب لا يزال وثيقًا ومتينًا، ولا يوجد أي خلاف سياسي جوهري".

ويطمئن التقرير القرّاء أيضًا بأن السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، "نفى بشكل قاطع الشائعات التي تتحدث عن إمكانية إعلان ترامب عن دعمه لقيام دولة فلسطينية خلال زيارته للدول الخليجية الثلاث".
وبالطبع، ليس من الواضح على الإطلاق ما هي طبيعة "الدولة الفلسطينية" التي يمكن لشخص يقترح علنًا امتلاك الولايات المتحدة لقطاع غزة وطرد سكانه الفلسطينيين الأصليين منها أن يعلن دعمه لها.

وعلى الرغم من تهميش إسرائيل في هذه الجولة المحددة، إلا أن ذلك لا يعني على الإطلاق أنها لن تستمر في لعب دور حيوي وأساسي في السلوك العدائي الأمريكي بشكل عام.
ففي الشهر الماضي فقط، استضاف مسؤولون من الحزب الجمهوري وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير – صاحب التصريح المثير للجدل: "لا يوجد أي سبب لإدخال ذرة واحدة من الطعام أو المساعدات إلى غزة" – في منتجع مارالاغو الفاخر الخاص بترامب في ولاية فلوريدا.
وبعد عشاء فاخر أقيم على شرفه، تباهى بن غفير بأن الجمهوريين "أبدوا دعمهم لموقفي الواضح والصريح حول كيفية التعامل مع الوضع في غزة، وأنه يجب قصف مستودعات الطعام والمساعدات بشكل فوري".

وبناءً على ما سبق، وفي الوقت الذي تشغل فيه العناوين الإعلامية الضخمة بالصفقات الكبيرة والبروتوكولات الدبلوماسية المعقدة، يمكن القول بثقة أن إدارة ترامب ما زالت تتعامل مع التطورات الميدانية في غزة من منظور يخدم مصالحها وأولوياتها الإستراتيجية الخاصة، حتى وإن بدا ذلك بمثابة تجاهل صارخ وتغاضٍ عن الانتهاكات الإسرائيلية الواضحة والمستمرة للقانون الدولي وحقوق الإنسان.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة